الأحد، 3 يناير 2016

منازل لندن.. بين الاقبال والإحجام


      في ظل ما تشهده مدن محورية حول العالم من تزايد في الطلب على شراء عقارات فإن البعض منها قد بلغ معدلات عالية في الأسعار، لذا فهي تواجه شكوك متزايدة حول وجود فقاعة عقارية قد تؤدي الى هبوط وشيك. من هذه المدن المحورية مدينة لندن البريطانية.

      جاء في مقال للكاتب Shobhit Seth*، أن مدينة لندن تمر منذ قرابة العشر سنوات حتى اليوم بحالة ارتفاع متتالية في أسعار المنازل مما قد يثير مخاوف من حدوث تراجع حاد في الأسعار كما حصل لمناطق متعددة من العالم. في المقال حاول الكاتب الاجابة على التساؤل المهم؛ هل الوقت مناسب اليوم لشراء منزل في لندن؟

     للاجابة على هذا التساؤل استعرض الكاتب حال سوق المنازل في لندن ، ثم طرح رأيه حول الموضوع، وهل السوق مناسب للشراء ام هناك خطورة على أصحاب الدخول المتوسطة بشكل خاص. فكانت خلاصة المقال كما يلي.

           الحد الأدنى للمنازل في المدينة لا يقل بحال عن مبلغ (300.000 £)، وإن قل عن هذه الأسعار فلابد أن يكون في أطراف المدينة.

           ذكرت دراسة لشركة UBS**، أن أسعار المنازل شهدت تضخماً في الأسعار بمعل 7% على مدى عشر سنوات. وأفاد مؤشر الدراسة أن لندن أعلى مدينة بها أسعار مبالغ فيها ومعرضة لفقاعة عقارية. ومؤشر آخر يدل على أن لندن من أقل المدن في الدخل مقابل القيمة، حيث جاءت بعد مدينة هونق كونق.

          أسباب هذا الارتفاع المستمر في الاسعار يعود الى، أن لندن قطب المدن الاوروبية ومركز مالي مهم، أن معدل أسعار المنازل لايزال متماشياً مع معدل دخل الفرد او أقل بقليل، محافظة بريطانيا على عملتها المحلية تجذب كثير من الأجانب للاستثمار في سوقها المحلي. هذه الأسباب وغيرها أدت الى ارتفاع الطلب على المنازل بالمدينة مما حافظ على تصاعد الأسعار حتى الآن.

           نظام إقراض المنازل في بريطانيا يشجع على استمرار الارتفاعات، حيث أن راغب السكن عليه دفع الحد الأدنى من قيمة المنزل نقداً وتقسيط الباقي بوسائل متعددة. عند الاقتراض من البنك او شركة رهن عقاري على المقترض توفير مبلغ مقدم بنسبة 5% من قيمة المنزل والبنك يمول 95% مقابل فائدة مناسبة، في حالات بإمكان المقترض الاستفادة من نظام المساعدة على الشراء “Help to Buy” الحكومي الذي يمول المقترض نسبة مابين 20-40% من القرض دون فوائد. اما الرسوم الحكومية فهي اجمالي تعادل 3.5% كرسوم تسجيل ودمغة. أي أن المشتري قد يدفع مبلغ اجمالي لن يزيد عن نسبة 8.5% من القيمة لشراء منزل في لندن.

          بعد ما ذكر من ملامح رئيسية لسوق المنازل في لندن، اختتم الكاتب مقاله بطرح نظرته الشخصية عن جدوى الشراء في هذا السوق. فذكر أن مساعي الحكومة في دعم فرض التملك في المدينة نجحت في تمويل قرابة 112 الف مقترض بحسب تقرير للـ BBC، مما كان له أثر في رفع معدل الطلب خاصة في الضواحي بالإضافة الى طلب المستثمرين الأجانب فأصبح السوق اليوم مشبع ومتخم بالأسعار. لهذا فإن السوق بحسب الكاتب متجه نحو واحد من خيارين: إما تصحيح يؤدي لتراجع أسعار المنازل، أو الى ضخ مزيد من الأموال لشراء المنازل بأسعارها المتضخمة.

           رجح الكاتب الخيار الثاني حيث يرى أن سياسة الحكومة الحالية نحو تسهيل الاقراض وكذلك حفاظ المدينة على مستواها في جذب المستثمرين سيبقى على حاله. أورد الكاتب أسباب أخرى لما ذهب اليه منها أن المنازل المقترضة دون فوائد (بنسبة تصل الى 50% من قيمة القرض بفضل برنامج الاقراض الحكومي) لن تتأثر مع الوقت بالتراجع نظراً لأسعارها القريبة من السوق.

      ختاماً نقول، بعد الاطلاع على الدراسة التي أعدتها الشركة المختصة UBS ومقال الكاتب ومقالات أخرى مختصة فإننا نظن أن السوق العقاري في لندن واقع الآن في دائرة الفقاعة العقارية إلا أن أثر هذه الفقاعة قد لن يظهر الآن للأسباب التي ذكرها Shobhit، من أهمها محاولات الحكومة في دعم الطلب، بالقروض، وتسهيل الاستثمار الخارجي. الا أن احتمالات تراجع الطلب كبيرة كذلك، بالاضافة الى احتمالات تزايد التخلف عن سداد القروض وهي مسألة مهمة تجعل الشكوك قائمة وأن الشراء في مدينة لندن مخاطرة أقل أحواله حدوث تراجع على المدى المتوسط.

       هنا يبقى التساؤل قائماً لدى القارئ، هل أشتري أم لا ؟. الجواب أن كل صفقة تختلف عن الأخرى فلابد أن تدرس بعينها. وفي ظل هذه الظروف المضطربة تختلف الاجابات بإختلاف، المشتري (مستثمر او محلي)، المنزل (موقعه، ثمنه، ومواصفاته)، كيفية التمويل (نقداً، قرض). ولدراسة ذلك لابد من استشارة أهل الخبرة في السوق اللندنية والقرار الأخير يعود للمشتري نفسه.
 

** UBS ، شركة عقارية عالمية مقرها زيوريخ، سويسرا>

0 التعليقات:

إرسال تعليق