الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

قصة الأرض.. عقدة الأزمة والحل

عندما يطرح سؤال عن سبب أزمة العقار او تملك السكن، تظهر الكثير من الاجتهادات والتحليلات التي في معظمها صحيحة كسبب من أسباب الأزمة وليست المسبب لها. إن السبب الأول والرئيسي في هذه الأزمة هو "الأرض" وبمعنى أدق "سوء توزيع الأراضي على المواطنين". آثار هذه الأزمة كثيرة لم تقتصر على عجز المواطن عن تملك مسكنه بل امتدت لتصل الى تضخم أسعار كافة أنواع العقارات فتضخمت بالتالي تكاليف استخدامها مما أضر بكافة القطاعات الانتاجية في البلاد.

سوء توزيع الأراضي سياسة حكومية قديمة لم تكن الحكومة في حينه تتوقع أن ينتج عنها كل هذه الأزمات. والكلام في هذا الآن هو لمعرفة مكمن الخلل وتحل المشكلة بالصورة الصحيحة. وسنورد في ما يلي ملامح مختصرة عن هذه السياسة ومتى بدأت وشيء من آثارها.

منذ بداية الطفرة السعودية الأولى (1390هـ) وعلى مدى عقدين من الزمان تقريباً، كانت سياسة تنمية المدن مكونة من أحياء قديمة وأخرى مستحدثة (مخططات) محدودة العدد، أما سياسة الاسكان فكانت اعطاء منح سكنية فردية للمواطنين بالإضافة لقرض من البنك العقاري، الى هنا فقد كانت السياستين ناجحتين، لكن المشكلة ظهرت مع سياسة المنح الإقطاعية الهكتارية (التي كانت تخصص الأمراء) حيث كثرت المساحات التي تقتطع من المدن لصالح المنح الاقطاعية مع الزمن، وتوقف اعتماد مخططات منح حكومية داخل المدن.

في ظل هذا التحول غير المعلن في سياسة المنح توجه الكثير من ملاك هذه الاقطاعات لبيعها لبعض التجار وسماسرة العقار، فقام بعض التجار والعقاريين بتخطيط هذه الاقطاعات وتحويلها من قبل البلديات الى أحياء سكنية داخل المدن وفي أفضل المواقع. استمرت هذه السياسة تقريباً الى قرابة عام (1410هـ) حيث تقلصت سياسة المنح الاقطاعية كثيراً وازدهر سوق تقسيم (تخطيط) الأراضي واعتماد المخططات التي كانت أراضي قاحلة دون خدمة، ثم تطور الاعتماد الى توفير خدمات طرق فقط ثم بنية تحتية أولية الى أن أصبح بعض المخططات تنفذ بنظام التطوير الشامل.

كان الزمن كفيلاً في ظل هذه السياسة بأن يضخم سعر الأرض الخام من ريال واحد (او أقل) ليصبح اليوم بآلاف الريالات في مقابل متر تراب مربع (فقط). آثار هذا التضخم كبيرة وعميقة الأثر بصورة مباشرة وغير مباشرة، مباشرة على ارتفاع تكلفة تملك واستئجار المباني السكنية والتجارية، وصورة غير مباشرة تظهر عند ارتفاع تكاليف تشغيل المنشآت والمؤسسات وبالتالي ارتفاع تكاليف الانتاج وما يصحبها من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وبيئية ملموسة.

عوداً على بدء، إذا عرفنا أن المشكلة كانت في "الأرض" ، فإننا نرى الحل في أن لكل مواطن الحق في أن يمتلك أرضاً في بلاده (دون تكلفة على التراب) يبني عليها بيته. حل هذه الأزمة ليس معقداً والسبل كثيرة لكن يحتاج الحل الى قرار، وسنشهد يوماً مع حل هذه الأزمة تراجع أسعار الأرض والعقار في مستوياتها المعقولة الممكنة بصورة متسارعة قد تفوق التصور.

0 التعليقات:

إرسال تعليق