لابد
أن الكثير منا اليوم قد سمع بـمصطلح "المباني الخضراء"، او
"المستدامة"، او "الصديقة للبيئة"، هذه المصطلحات في مجملها
تشير الى مفهوم حديث هو العقارات الأقل استهلاكاً للطاقة والأكثر حفاظاً على
البيئة في الحاضر والمستقبل.
المباني
الخضراء أصبحت اليوم "ثقافة" ، في حين أن فكرتها بدأت منذ العام 2000م،
و أثارت إهتمام كثير من المجتمعات مؤخراً ومنها مجتمعنا العربي وقد تحدث عنها
الكثير من المختصين والمهتمين. لكن ما يهمني في هذا المقال هو "الأثر الإيجابي
للمباني الخضراء في السوق العقاري"، حيث يرى البعض ممن لم يطلع على التفاصيل
أن هذه المباني قد تكون مكلفة كثيراً بالمقارنة مع المباني التقليدية، لكن
الدراسات المختصة أثبتت العكس منذ وقت مبكر.
حيث
أكدت دراسة قام بها مجموعة من الهيئات في ولاية كليفورنيا الأمريكية صدرت 2003م ،
أن حجم العائد المادي على المباني الخضراء على المدى الطويل (20 عاماً) يعادل عشرة
أضعاف التكلفة الإضافية على المباني التقليدية. بمعنى أنه إذا كانت التكلفة
الإضافية لتنفيذ مبنى بالمعايير الخضراء تقدر بـ (100,000) دولار عنها في مبنى
تقليدي (مثلاً) ، فإن العائد الذي سيدره المبنى الأخضر على المالك على مدى عشر
سنوات سيبلغ (1000,000) دولار. في حين أن الدراسة قدرت حجم الزيادة في التكلفة بما
لا يزيد عن (7%) في المباني الملتزمة بكافة متطلبات التصميم البيئي، وتقل النسبة
في المباني الأقل التزاماً.
تعتبر
هذه الدراسة مرجعاً في هذا المجال حيث أجريت على (33) منشأة خضراء على مستوى
الولايات المتحدة وبمشاركة أكثر من (40) قطاع حكومي وقطاعات مدنية، وخلصت في
نتائجها الى أن المباني الخضراء مجدية إقتصادياً وأوصت بأن يشجع تطبيقها في كافة
أنحاء البلاد. مع ذلك فأن الكثيرين قد يرون أن تقدير التكلفة الإضافية بحسب
الدراسة يبدو منخفضاً وقد يكون له مبررات كثيرة، لكن مع افتراض أن نسبة التكلفة
تبلغ في بلادنا ضعف النسبة التي استنتجتها الدراسة أو حتى ثلاثة أضعافها (أي 14،
او 21%) فهي تكلفة لها عائد أكبر و يمكن استردادها مع الزمن في حال الإستثمار او
في الحال عند بيع العقار.
مع
ذلك، فعند أخذ الفوائد البيئية والاجتماعية والصحية الأخرى في الإعتبار، فإن هذه
التكلفة لا تمثل عائقاً. و ستزول هذه الزيادة مع الوقت بزيادة الطلب على هذه المشاريع
والمختصين والخبرات.
من
الجدير بالذكر الاشارة الى أنه قد سبقتنا العديد من الدول في تفعيل هذه الثقافة في
القطاعين العام والخاص ومنها دول خليجية (الامارات، وقطر)، وأصبحت بعض المشاريع
فيها تسوق تحت شعار "مشاريع خضراء ومستدامة" بإعتباره ميزة للمشروع تسمه
بالجودة والمتانة والرقي، بما يؤهلها لأن تعرض بأسعار تزيد عن مثيلاتها بما لا يقل
عن 20-30% وقد تزيد كثيراً في بعض الأحيان. كما أن تسويقها سهل وسريع ويفرض شروطه
بثقة فتستهدف فئة مرموقة تقدر قيمتها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق