الجمعة، 8 يناير 2016

مبررات زيادة سعر عقار ما عن السوق


إن أي مستثمر بطبعه يطمح لزيادة ربحه برفع سعر عقاره وذلك أمر طبيعي، الا أن هذا الرفع للسعر لابد أن يكون مبرراً حتى يكون مقبولاً والا فإن العقار لن يباع في السوق او سيتأخر بيعه.

سنعرض في مقالنا هذا إثنا عشر مبرراً قد يستغلها بعض الملاك لرفع سعر عقاراتهم عن سعر السوق. قد تجتمع هذه المبررات في عقار ما –وذلك نادر- وقد يتوفر في العقار بعضها. المهم أن زيادة السعر هنا ليست ضرورة على مالك العقار لكنها قد تكون فرصة لزيادة الربح، وأنا هنا لا أدعو للزيادة في الأسعار انما اطرح بعض المبررات التي قد تكون منطقية لحدوث مثل هذه الزيادات.

الأول: الندرة، فالعقار الذي ليس له مثيل أو يقل مثله في السوق فإنه يحظى بزيادة الطلب عليه وبالتالي فهي فرصة للمالك لرفع سعر عقاره استغلاً لهذا الظرف.

الثاني: تزايد الطلب في السوق، قد يزيد الطلب بصورة مفاجأة نتيجة تغير اقتصادي او اجتماعي او سياسي فيقوم الملاك بزيادة أسعار العقارات في هذه المنطقة استغلاً لمثل هذه الفرصة.

الثالث: قلة العرض، قلة المعروض من عقار معين في السوق تؤدي الى تزايد الطلب عليه بصورة طبيعية، مما يزيد في المنافسة فيستغلها المالك لرفع السعر. فمثلاً الأراضي الخالية وسط المدينة كلما قلت زاد الطلب عليها وبالتالي يرتفع سعر المتبقي منها.

الرابع: تغير قوانين التطوير، سواءً أنظمة البناء بزيادة مساحات البناء او تغيير النشاط او غير ذلك، او زيادة الخدمات و المرافق، او أي تغيير للقوانين المنظمة قد يؤدي الى زيادة انتاج العقار او الطلب عليه، مما سيزيد سعر العقار مقابل بيعه.

الخامس: إمكانية التطوير، بعض العقارات قد لا تكون استغلت امكانات بناءها بصورة كاملة مثل بناء عقار دور او دورين في منطقة ذات تصريح أربع أدوار او خمسة. وعقارات أخرى تحتاج لبعض التحسينات او الترميمات ليزيد العائد منها او الطلب عليها، الا أن المالك الحالي قد لا يملك المال او الوقت الكافي او الرغبة او جميعها، فيكون ذلك فرصة امام المشتري، فالمالك في هذه الحالة يزيد في سعر البيع لكن بنسبة أقل من تكلفة الترميمات.

السادس: ارتفاع مستوى المحيط ، الشارع او الحي او المدينة، فبحسب نظرة مالك العقار او نظرة أهل الخبرة في السوق قد يتم رفع السعر تحرياً لارتفاع مستقبلي في مستوى بيئة العقار المحيطة به والمؤثرة عليه.

السابع: زيادة حجم السكان او الخدمات المحيطة، هذه الزيادة ستؤدي بالضرورة الى زيادة الطلب على العقار او الخدمات التي قد يوفرها العقار من الأنشطة المقامة عليه، وبالتالي زيادة العائد على العقار. فيستغل المالك هذه الزيادة لرفع السعر.

الثامن: توقع زيادة أسعار مستقبلية، قد ينتشر في سوق ما اشاعة زيادة اسعار مستقبلية في العقار لأي سبب ما فيستغل ذلك بعض الملاك لزيادة السعر، على سبيل المثال اشاعة خبر دخول مستثمرين أجانب الى السوق قد ترفع الأسعار.

التاسع: استهداف نوع معين من الزبائن، قد يرغب بعض الملاك ببيع عقاراتهم على مستويات معينة من الناس او جنسيات او عرقيات معينة فيلجأ الى زيادة السعر، بحيث لا يؤثر على الفئة المطلوبة لكنه يستبعد فئة لا يرغب فيها لشرائها عقاره.

العاشر: تمييز منتجات عقارية بعينها، هذا المبرر يختلف عن سابقه، حيث أن المالك هنا يزيد في السعر ليس لإستبعاد أحد لكن لإعطاء تصور عن مستوى جودة عقاراته وحفاظاً على علامته التجارية او سمعته في السوق وخلافه.

الحادي عشر: ارتفاع تكلفة العقار، قد يشتري المالك عقاراً ما بتكلفة عالية او ينفق عليه مصاريف كبيرة في البناء او الترميم او الصيانة او التشغيل، فيضطر تعويضاً لخسارته الى رفع سعر البيع عسى أن يعوض بعض خسائره.

الثاني عشر: الاحتكار، وهذا التصرف بعينه غير مبرر ولا يقبل شرعاً ولا عرفاً الا أنه من الأسباب التي تدعو بعض الملاك الى رفع أسعار عقاراتهم، بحيث يقوم تاجر او مجموعة تجار بشراء نوع محدد من العقارات او حي او مخطط بالكامل على أغلبه فيحتكرون العرض لديهم ويتحكمون بالتالي بسعر البيع.

ختاماً، أود التأكيد على أنني لا أتبنى أي من هذه المبررات ولا أدعو اليها، إلا أنني أطرحها كأسباب حاصلة في واقع بعض الأسواق العقارية المحلية والعالمية.

الخميس، 7 يناير 2016

الأربعاء، 6 يناير 2016

نموذج- آلية عمل تقرير عقاري ميداني



للتقارير العقارية آليات وصيغ ومضامين تختلف بإختلاف الهدف منها، الا أننا نعرض في هذا التقرير نموذج مقترح لآلية اعداد تقرير ميداني لمن اراد الاستفادة منه.

رابط الملف/

الاثنين، 4 يناير 2016

تقرير سوق العقارات التجارية بحي اليرموك-2-1437هـ



الحمد لله رب العالمين وبعد..

هذا تقرير يهدف لإعطاء صورة واضحة عن الحي لغير المختصين فيه، حيث يبين التقرير موقع الحي وأبرز المعالم التي تميزه ، بالإضافة الى بيان اتجاهات النمو في الحي ونسبة التنمية فيه والخدمات وغير ذلك.

         الجدير بالذكر أن هذا التقرير يستعرض جداول تقديرية لأسعار العقارات التجارية في الحي بمختلف أنواعها وبشيئ من التفصيل، كما يقارن هذه الأسعار مع أسعار المؤشر العقاري لوزارة العدل.

          نأمل أن يكون في التقرير المرفق ما يفيد القارئ الكريم، ويسعدنا تلقي ملاحظاتكم على عناويننا المعلنة.

الرابط/
تقرير سوق العقارات التجارية بحي اليرموك

الأحد، 3 يناير 2016

منازل لندن.. بين الاقبال والإحجام


      في ظل ما تشهده مدن محورية حول العالم من تزايد في الطلب على شراء عقارات فإن البعض منها قد بلغ معدلات عالية في الأسعار، لذا فهي تواجه شكوك متزايدة حول وجود فقاعة عقارية قد تؤدي الى هبوط وشيك. من هذه المدن المحورية مدينة لندن البريطانية.

      جاء في مقال للكاتب Shobhit Seth*، أن مدينة لندن تمر منذ قرابة العشر سنوات حتى اليوم بحالة ارتفاع متتالية في أسعار المنازل مما قد يثير مخاوف من حدوث تراجع حاد في الأسعار كما حصل لمناطق متعددة من العالم. في المقال حاول الكاتب الاجابة على التساؤل المهم؛ هل الوقت مناسب اليوم لشراء منزل في لندن؟

     للاجابة على هذا التساؤل استعرض الكاتب حال سوق المنازل في لندن ، ثم طرح رأيه حول الموضوع، وهل السوق مناسب للشراء ام هناك خطورة على أصحاب الدخول المتوسطة بشكل خاص. فكانت خلاصة المقال كما يلي.

           الحد الأدنى للمنازل في المدينة لا يقل بحال عن مبلغ (300.000 £)، وإن قل عن هذه الأسعار فلابد أن يكون في أطراف المدينة.

           ذكرت دراسة لشركة UBS**، أن أسعار المنازل شهدت تضخماً في الأسعار بمعل 7% على مدى عشر سنوات. وأفاد مؤشر الدراسة أن لندن أعلى مدينة بها أسعار مبالغ فيها ومعرضة لفقاعة عقارية. ومؤشر آخر يدل على أن لندن من أقل المدن في الدخل مقابل القيمة، حيث جاءت بعد مدينة هونق كونق.

          أسباب هذا الارتفاع المستمر في الاسعار يعود الى، أن لندن قطب المدن الاوروبية ومركز مالي مهم، أن معدل أسعار المنازل لايزال متماشياً مع معدل دخل الفرد او أقل بقليل، محافظة بريطانيا على عملتها المحلية تجذب كثير من الأجانب للاستثمار في سوقها المحلي. هذه الأسباب وغيرها أدت الى ارتفاع الطلب على المنازل بالمدينة مما حافظ على تصاعد الأسعار حتى الآن.

           نظام إقراض المنازل في بريطانيا يشجع على استمرار الارتفاعات، حيث أن راغب السكن عليه دفع الحد الأدنى من قيمة المنزل نقداً وتقسيط الباقي بوسائل متعددة. عند الاقتراض من البنك او شركة رهن عقاري على المقترض توفير مبلغ مقدم بنسبة 5% من قيمة المنزل والبنك يمول 95% مقابل فائدة مناسبة، في حالات بإمكان المقترض الاستفادة من نظام المساعدة على الشراء “Help to Buy” الحكومي الذي يمول المقترض نسبة مابين 20-40% من القرض دون فوائد. اما الرسوم الحكومية فهي اجمالي تعادل 3.5% كرسوم تسجيل ودمغة. أي أن المشتري قد يدفع مبلغ اجمالي لن يزيد عن نسبة 8.5% من القيمة لشراء منزل في لندن.

          بعد ما ذكر من ملامح رئيسية لسوق المنازل في لندن، اختتم الكاتب مقاله بطرح نظرته الشخصية عن جدوى الشراء في هذا السوق. فذكر أن مساعي الحكومة في دعم فرض التملك في المدينة نجحت في تمويل قرابة 112 الف مقترض بحسب تقرير للـ BBC، مما كان له أثر في رفع معدل الطلب خاصة في الضواحي بالإضافة الى طلب المستثمرين الأجانب فأصبح السوق اليوم مشبع ومتخم بالأسعار. لهذا فإن السوق بحسب الكاتب متجه نحو واحد من خيارين: إما تصحيح يؤدي لتراجع أسعار المنازل، أو الى ضخ مزيد من الأموال لشراء المنازل بأسعارها المتضخمة.

           رجح الكاتب الخيار الثاني حيث يرى أن سياسة الحكومة الحالية نحو تسهيل الاقراض وكذلك حفاظ المدينة على مستواها في جذب المستثمرين سيبقى على حاله. أورد الكاتب أسباب أخرى لما ذهب اليه منها أن المنازل المقترضة دون فوائد (بنسبة تصل الى 50% من قيمة القرض بفضل برنامج الاقراض الحكومي) لن تتأثر مع الوقت بالتراجع نظراً لأسعارها القريبة من السوق.

      ختاماً نقول، بعد الاطلاع على الدراسة التي أعدتها الشركة المختصة UBS ومقال الكاتب ومقالات أخرى مختصة فإننا نظن أن السوق العقاري في لندن واقع الآن في دائرة الفقاعة العقارية إلا أن أثر هذه الفقاعة قد لن يظهر الآن للأسباب التي ذكرها Shobhit، من أهمها محاولات الحكومة في دعم الطلب، بالقروض، وتسهيل الاستثمار الخارجي. الا أن احتمالات تراجع الطلب كبيرة كذلك، بالاضافة الى احتمالات تزايد التخلف عن سداد القروض وهي مسألة مهمة تجعل الشكوك قائمة وأن الشراء في مدينة لندن مخاطرة أقل أحواله حدوث تراجع على المدى المتوسط.

       هنا يبقى التساؤل قائماً لدى القارئ، هل أشتري أم لا ؟. الجواب أن كل صفقة تختلف عن الأخرى فلابد أن تدرس بعينها. وفي ظل هذه الظروف المضطربة تختلف الاجابات بإختلاف، المشتري (مستثمر او محلي)، المنزل (موقعه، ثمنه، ومواصفاته)، كيفية التمويل (نقداً، قرض). ولدراسة ذلك لابد من استشارة أهل الخبرة في السوق اللندنية والقرار الأخير يعود للمشتري نفسه.
 

** UBS ، شركة عقارية عالمية مقرها زيوريخ، سويسرا>

الخميس، 31 ديسمبر 2015

أزمة السكن السعودية

أزمة السكن السعودية التي يتحدث عنها الناس كثيراً اليوم، يقصدون بها "عدم قدرة الفرد على تملك مسكنه الخاص بيسر"، ولا يقصد بها عدم وجود مساكن، كما قد يتبادر الى الذهن. فأزمة السكن شيء وأزمة تملك المسكن شيء آخر.

السعودية على مدى العشر سنوات الأخيرة قامت فيها تنمية عمرانية كبيرة (يسميها البعض بالطفرة الثانية، منذ 1424هـ تقريباً )، أنشئت الكثير من الأحياء السكنية واتسعت رقعة المدن وظهرت مدن جديدة (مثل المدن الاقتصادية والتي بها مناطق سكنية متكاملة)، لذا فإن المساكن موجودة وقد يكون كثير منها خالياً، ومن السهل  مراجعة آخر إحصاء سكاني لمقارنة عدد المساكن بعدد الأسر. فلماذا لا يستطيع المواطن تملك مسكنه.

عدم قدرة المواطن العادي على امتلاك مسكنه هي بسبب ارتفاع قيمة شراء المساكن بالمقارنة مع دخل المواطن وبصورة مبالغ فيها كثيراً. مع العلم أن إحدى القواعد الأولية في علم الاقتصاد تقول "أن سعر السلعة يجب ألا يزيد عن القدرة الشرائية للمستهلك وإلا تعرضت للكساد". اذا كانت هذه قاعدة اقتصادية صحيحة (وقد أجمعت النظرية والتطبيق على صحتها) فلماذا يحدث عندنا العكس؟. سعر السلعة (العقار) يرتفع كثيراً عن قدرة المستهلك (المواطن) ولا تتعرض السلعة للكساد، بل تتجه صاروخياً للإرتفاع!!

قد يكون فشل هذه القاعدة الاقتصادية في سوق العقار أسباب كثيرة، لكنني أرى أن أبرز أسباب هذا الفشل بإختصار في سوقنا السعودي هو: زيادة طلب من قبل غير المستهلك (المستثمر وليس المواطن)، أدى الى قلة المعروض وإحتكار البعض. وتفصيل ذلك كالتالي..

مع بداية الطفرة الاقتصادية الثانية، أخذت إيرادات الدولة في الإزدياد لأسباب كثيرة فتوجهت الحكومة لسياسة توسيع الانفاق وزاد معه انفاق واستهلاك القطاع الخاص والفردي، فتوجهت معظم هذه الثروات لسوق الأسهم التي كانت قناة استثمار استوعبت معظمها. بعد أزمة الأسهم اتجهت هذه الأموال الضخمة للاستثمار بصورة كبيرة في قطاع العقار خاصة الأراضي. هذه الزيادة في الطلب على العقار كان المستهدف منها غالباً تخزين رؤوس الأموال وليس الاستثمار بها (كالتطوير العقاري او حتى المضاربة) مما أدى الى تراجع المعروض بشكل كبير مع الزمن. في حين لم يكن ينشط في السوق إلا المضاربون والمحتكرون من حين لآخر.

السوق العقاري بهذه الصورة (زيادة طلب، قلة عرض، احتكار) هو سوق متجه الى ارتفاع السعر دون شك. فكيف اذا كان يتنافس على الطلب في السوق نوعين من طالبي العقار: المستثمرين في الهكتارات والقطع الكبيرة (نقداً)، والأفراد طالب السكن بالقطعة (دين). هذه السوق فيها منافسة غير متوازنة لا في الأهداف ولا الامكانات. أدت زيادة طلب المستثمرين على الهكتارات الى رفع سعر القطع الصغيرة، فأصبح طالب السكن يواجه احتكاراً من طرفين كبار المستثمرين وتجار القطع، حتى أنه في بعض المدن أصبح كبار المستثمرين يتنافسون على البلكات (مجموعة متلاصقة من القطع السكنية) ؟!.

السعر بالنسبة للمستثمر او التاجر يعني التكلفة فهو يضيف عليها نسبة ربح معينة وفي الغالب يكسب، اما طالب السكن فزيادة السعر بالنسبة له هي زيادة تكلفة تباعد بينه وبين التملك كلما زادت وهي أصلاً تتعدى قدرته الشرائية بعشرات الأضعاف. فالمستثمر والتاجر إن وجدا السعر مجدياً معوضاً إشتريا وإلا فلا، أما طالب السكن (المواطن) فهو مضطر لقبول السعر إلم يجد أقل منه، حتى لو تحمل ثمنه ديناً مضاعفاً يمتد لعشرات السنوات.

عندما يصل الوضع في السوق الى هذا المستوى المنافسة فأرى أن الحل الأجدى هو تدخل جهة ثالثة تساعد على حل أزمة الاحتكار وارتفاع السعر، وهي الحكومة فالسكن سلعة أساسية لا يجوز أن تترك لتحكم او احتكار دون ضبط أو رقابة. الهدف من تدخل الحكومة لابد أن يكون اساساً لإعادة توازن السوق بحيث يخرج منه غير المستهلك والتاجر (أعني اخراج المستثمر) ويمنع الاحتكار من السوق. وأهم الخطوات التي تساعد على تحقيق هذا الهدف هي زيادة القطع والمساكن الحكومية كمنح أو قروض. وهذا سهل على الحكومة فهي تملك اقطاعات كبيرة داخل المدن تابعة للعديد من الوزارات وهي غير مستغلة. كما يمكنها بناء المساكن مباشرة او شرائها من المطورين وبيعها بأسعار متزنة تجبر أسعار العقارات المماثلة في السوق على التراجع. والحلول في هذا المجال كثيرة ليس هذا محلها.


سوق العقارات سوق كبيرة مؤثرة على الاقتصاد العام والخاص، فلا يجب أن تترك دون رقابة او تنظيم. لا نقول أن المتاجرة او الاستثمار في العقارات ممنوع او محرم، لكن المسكن سلعة أساسية لابد من توفيرها لطالبيها بأيسر السبل. ليستثمر من يريد في العقارات التجارية والصناعية والخدمية والتطوير مما يضيف قيمة اقتصادية على البلاد لكن الإدخار في "التراب" سيؤدي دون شك "للخراب".

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

قصة الأرض.. عقدة الأزمة والحل

عندما يطرح سؤال عن سبب أزمة العقار او تملك السكن، تظهر الكثير من الاجتهادات والتحليلات التي في معظمها صحيحة كسبب من أسباب الأزمة وليست المسبب لها. إن السبب الأول والرئيسي في هذه الأزمة هو "الأرض" وبمعنى أدق "سوء توزيع الأراضي على المواطنين". آثار هذه الأزمة كثيرة لم تقتصر على عجز المواطن عن تملك مسكنه بل امتدت لتصل الى تضخم أسعار كافة أنواع العقارات فتضخمت بالتالي تكاليف استخدامها مما أضر بكافة القطاعات الانتاجية في البلاد.

سوء توزيع الأراضي سياسة حكومية قديمة لم تكن الحكومة في حينه تتوقع أن ينتج عنها كل هذه الأزمات. والكلام في هذا الآن هو لمعرفة مكمن الخلل وتحل المشكلة بالصورة الصحيحة. وسنورد في ما يلي ملامح مختصرة عن هذه السياسة ومتى بدأت وشيء من آثارها.

منذ بداية الطفرة السعودية الأولى (1390هـ) وعلى مدى عقدين من الزمان تقريباً، كانت سياسة تنمية المدن مكونة من أحياء قديمة وأخرى مستحدثة (مخططات) محدودة العدد، أما سياسة الاسكان فكانت اعطاء منح سكنية فردية للمواطنين بالإضافة لقرض من البنك العقاري، الى هنا فقد كانت السياستين ناجحتين، لكن المشكلة ظهرت مع سياسة المنح الإقطاعية الهكتارية (التي كانت تخصص الأمراء) حيث كثرت المساحات التي تقتطع من المدن لصالح المنح الاقطاعية مع الزمن، وتوقف اعتماد مخططات منح حكومية داخل المدن.

في ظل هذا التحول غير المعلن في سياسة المنح توجه الكثير من ملاك هذه الاقطاعات لبيعها لبعض التجار وسماسرة العقار، فقام بعض التجار والعقاريين بتخطيط هذه الاقطاعات وتحويلها من قبل البلديات الى أحياء سكنية داخل المدن وفي أفضل المواقع. استمرت هذه السياسة تقريباً الى قرابة عام (1410هـ) حيث تقلصت سياسة المنح الاقطاعية كثيراً وازدهر سوق تقسيم (تخطيط) الأراضي واعتماد المخططات التي كانت أراضي قاحلة دون خدمة، ثم تطور الاعتماد الى توفير خدمات طرق فقط ثم بنية تحتية أولية الى أن أصبح بعض المخططات تنفذ بنظام التطوير الشامل.

كان الزمن كفيلاً في ظل هذه السياسة بأن يضخم سعر الأرض الخام من ريال واحد (او أقل) ليصبح اليوم بآلاف الريالات في مقابل متر تراب مربع (فقط). آثار هذا التضخم كبيرة وعميقة الأثر بصورة مباشرة وغير مباشرة، مباشرة على ارتفاع تكلفة تملك واستئجار المباني السكنية والتجارية، وصورة غير مباشرة تظهر عند ارتفاع تكاليف تشغيل المنشآت والمؤسسات وبالتالي ارتفاع تكاليف الانتاج وما يصحبها من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وبيئية ملموسة.

عوداً على بدء، إذا عرفنا أن المشكلة كانت في "الأرض" ، فإننا نرى الحل في أن لكل مواطن الحق في أن يمتلك أرضاً في بلاده (دون تكلفة على التراب) يبني عليها بيته. حل هذه الأزمة ليس معقداً والسبل كثيرة لكن يحتاج الحل الى قرار، وسنشهد يوماً مع حل هذه الأزمة تراجع أسعار الأرض والعقار في مستوياتها المعقولة الممكنة بصورة متسارعة قد تفوق التصور.