لأي عقار بعد فيزيائي يمثل حيزه على الأرض، فللعقار ثلاثة أبعاد، طول
وعرض وارتفاع. هذا معلوم دون شك، لكن هل للعقار بعد آخر؟ وهل للبعد الفيزيائي
للعقار علاقة من قريب او بعيد بنظرية النسبية لأينشتاين؟
ليس هذا الطرح من باب الترف الفكري او الكلام النظري الهامشي، انما هي
خاطرة ارتبطت في ذهني بين نظرية علمية وممارسة عملية. ربطت ما بين النظرية النسبية
والعقار في حالته المادية.
تعتمد النظرية النسبية لأينشتاين على أن للكون اربعة أبعاد (الطول،
العرض، الارتفاع، والزمن). البعد الرابع وهو الزمن هو الذي أحدث فارقا في نظرية أينشتاين
عن النظرية الكلاسيكية لنيوتن وجاليليو ومن سبقهم. المهم أن نعرف أن النسبية تربط
بين الأبعاد الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع) والتي تمثل المكان، وبين البعد
الرابع وهو الزمان. وقد جمع بينهما اينشتاين بمصطلح "الزمكان".
بعيداً عن تفاصيل النظرية، ما علاقة كلامنا هذا ونظرية النسبية بموضوع
العقار؟،
الكل يعرف أن قيمة العقار مرتبطة مباشرة بحالته المادية
"المبنى"، بارتفاعه وأبعاده ومادته. فحجم العقار ومبناه
يحدد قيمته على غيره من العقارات، وذلك صحيح اذا اخذنا بكافة العوامل الأخرى
المادية للعقار، ولكن ماذا عن الزمن الذي مر على انشاء العقار "عمر
العقار"؟، أليس لذلك الزمن تأثير على السعر؟، الجواب دون شك سيكون بلى.
اذا قدر مثلا أنه عرض عليك عقار ما في مكان ما بمواصفات مادية من حجم
وابعاد ومباني، دون تحديد عمر العقار، هل تعتقد أنك ستصيب في تقدير سعره، قبل
معرفة عمره؟ لا أظن ذلك. لأن عمر العقار الحالي يعد أحد عوامل تقدير الفائدة
المستقبلية منه. فللعقار عمر ممتد يختلف بحسب جودة الانشاء، الا أنه يقدر في
المتوسط بخمسين عاماً. فإذا فرضنا أنه قد مضى من عمر العقار أكثره فهو يتجه الى
أحد خيارين بالنسبة للمالك، إما التجديد والترميم، وإما أن تصبح قيمة العقار بسعر
الأرض مخصوما منها تكلفة الهدم، وتلك تكلفة في الحالتين لابد أن تراعى عند تقدير سعر
الشراء.
عرفنا أهمية عمر العقار بالنسبة لقيمته الحالية والمستقبلية. لكن
فالحقيقة أن قيمة زمن العقار في ذاتها هي قيمة نسبية، قد تتناقص مع الزمن وقد
تزيد!، فعلاً .. حيث أن للزمن على العقار نوعين من التأثير، تأثير على مادة العقار
"المبنى"، وهو تأثير سلبي يؤدي الى تناقص سعر العقار، وتأثير آخر على
محيط العقار "الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسية...الخ" غالباً هو تأثير
ايجابي يزيد من قيمة العقار، وذلك بالنظر الى أن غالب المجتمعات تتجه الى مزيد من
العمران والتنمية والطلب على العقار.
يبدو
أن الموضوع قد توسع قليلاً، لكني أجد أن للنظرية النسبية الفيزيائية ارتباطاً
وثيقاً بعلم العقار، ومادة العقارات الفيزيائية، فهي جزء من الكون يتأثر بعوامله
المختلفة. كما أن التنبه الى عامل الزمن في دراسة وتقييم العقارات مسألة مهمة لا
يجب إهمالها او التهاون بها، فإن كانت مادة العقار هي الجسد، فالزمن روح العقار.