"بيت العمر"،
عبارة يطلقها كثير من المطورين والمسوقين العقاريين على المساكن التي يسعون حثيثاً
لتسويقها. قد يتساءل القارئ، هل في هذا المصطلح عيب من خداع او غرر او كذب؟
إن هذه العبارة تستخدم عادة لرسم صورة تعظم مسألة
امتلاك ذلك المسكن، وفي سبيل ذلك التملك فلا مانع من التضحية بالكثير.
دلالة العبارة كأنها توحي بأنه حتى تحظى أيها الزبون –المستهدف
من الدعاية- بالعيش الرغيد والرفاهية والاستقرار العائلي و السمو الاجتماعي، فلابد
لك من الحصول على هذا البيت، لأنه "بيت العمر"، وكأن فرصتك الوحيدة
للفوز بالاستقرار والنجاة من الضياع هي امتلاك ذلك البيت.
قطعاً ليس ذلك صحيحاً بالضرورة، فقد يمتلك الشخص بيتاً مميزا
فيه كل المواصفات لينتفع به فترة من الزمن ثم يبيعه ليشتري غيره او قد يتجه
اتجاهاً آخر بحسب حاله. وقد يشتري بيتاً في مرحلة ما من حياته لها ظروف ومتطلبات
ثم اذا تغيرت الظروف مع الزمن، باعه ليشتري بيتاً آخر يوائم الظروف والزمن الجديد.
فالبيت في ذاته ليس مشروع عمر يفني المريء حياته في
ايجاده من العدم ليرفعه الى عنان السماء ثم يتمتع بسكناه حتى يموت. بل البيت موجود
لحاجة الانسان وقد يتغير او يزول بزوال هذه الحاجة.
الحقيقة أن استخدام هذا المصطلح يبرر للمسوقين
والمقرضين والملاك استغلال سقوط البعض في غيابة هذا الحلم، فيعرضوا عليه جميع
المخارج المادية والقانونية حتى لو أدت به الى أن يبقى مكبلا بهذا الحلم بقية
حياته، فينقلب مع الزمن كابوساً مفزعاً، ترعبه نتيجة التخلص منه كما ترعبه نتيجة
الاستمرار معه حتى النهاية.
لذا فإنني أنصح بعدم ترويج مثل هذا المصطلح "بيت
العمر"، في التسويق للمساكن، لما فيه من التغرير بالناس ونشر ثقافة خاطئة
مضرة. رأي قد يتفق مع فيه أناس ويختلف آخرون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق