الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

التطوير الشامل ليس مجرد مسكن

أظن أن فكرة التطوير الشامل للأحياء السكنية مقصورة عند غالب الناس في صورة حي مغلق يسكنه أجانب، او مجموعة متراصة من المباني المتشابهة، او مساكن لمحدودي الدخل. هذه الصور المذكورة وغيرها مما يتفق معها، هي صور منقوصة وخاطئة عن التطوير العمراني الشامل للحي او المجاورة السكنية.
مفهوم التطوير الشامل هو أعم وأشمل وأكثر فائدة للسكان من هذه الصور المنقوصة.
أن يقوم مطور عقاري ببناء حي سكني او مجموعة من المساكن المخدومة بالمرافق والخدمات العامة والخاصة بالحي، بدأ بتخطيط الحي بمرافقه المحيطة، وتصميم المساكن، وتنفيذ البناء كاملاً او مجزأً بحسب رغبة السكان، ثم البيع او تأجير المساكن، ثم الادارة وصيانة الحي. كل هذه الأنشطة مجتمعة تسمى التطوير السكني الشامل.
هذه العملية من التطوير هي مهام متعددة يديرها جميعاً المطور العقاري، يشترك في تنفيذها عدة أطراف كل طرف يقوم بعمله مكملاً للآخرين. فالمصمم يرسم شكل المساكن وشكلها الداخلي والخارجي، والمخطط يرسم ويحدد التصميم المحيط بالمساكن ومكونات الحي العامة وترابطها وجمالياتها، والمقاول ينفذ المباني ويعمرها، ومقاول الصيانة يعتني بالمشروع صيانة ونظافة بحسب عقده مع المطور او الملاك لاحقاً، اما المطور العقاري فهو صاحب التخطيط والقرار في هذه العملية كاملة وقد يدير المشروع بنفسه بعد اتمامه او قد يبيعه لمدير ممتلكات او مالك مستثمر آخر او حتى يباع المشروع مجزأ وقد يكون هذا الغالب في بعض المناطق.
تعدد مهام التطوير العقاري وتكاملها ليس عبئ على المطور كما يظنه البعض، بل هي فرص استثمارية لكل في مجاله. لذلك فالتطوير العقاري الشامل رغم تعقيده وطول مشواره الا أنه رحلة عمر استثمارية قد تنقل المطور العقاري من مرحلة الى مرحلة استثمارية أعلى بدرجات من المستثمر العقاري بالتجزئة.
بعد ما بينته جزئياً عن مفهوم التطوير الشامل، أعود لأؤكد على موضوعي الأساسي، وهو فائدة السكان أنفسهم من التطوير الشامل للحي.
الساكن عندما يشتري او يستأجر عقاراً من هذه العقارات المطورة لا يحصل على سكن فقط، بل يحصل بالإضافة الى سكنه الخاص على نصيب منفعة مشاع من المرافق العامة والخدمات التي يقدمها المطور في الحي. فالحي مكون من مساحات مفتوحة وشوارع ومرافق ومتاجر وانشطة مختلفة –بحسب حجم المخطط المطور- كل هذه العناصر المكونة للحي ينتفع بها مستخدم السكن.
من ينظر لبعض الأحياء الجديدة اليوم في مدينة مثل الرياض، يجد أن مالك السكن الذي قد يكون دفع الكثير ليحصل عليه، حين يعبر الحي ليصل الى سكنه، ينظر في ما حوله فيجد الشوارع مكسرة ومليئة بالحفر، ليس لها أرصفة فضلاً عن ممرات للمشاة، وإن كان المخطط مناراً، فهو غير مشجر، والمياه قد تجري في الشارع بين حين وآخر.  قد تكون بعض الشوارع ضيقة، مزدحمة بالسيارات، والمواقف غير مخصصة... الخ. هل هذا هو الحي السكني الذي نريده!!!
في رأيي أن يقوم مطور متخصص ومؤهل من قبل الجهات الرقابية، بالقيام بمهمة تطوير الحي والمساكن بشكل كامل –على أن يترك لكل ساكن اختيار شكل مسكنه- وتحت الرقابة والمتابعة، خير من أن يقوم أفراد غير مختصين ولا مجربين كل من جهته ببناء مسكنه "فقط"، ويترك باقي الحي غير مسئول عنه، ولا مأسوف عليه. ليست الفكرة جديدة ولا مبتكرة لكن الغالب من المستوطنات السكنية المتحضرة حول العالم تعتمد هذا الأسلوب وتستخدم هذا المنهج في التطوير.
قد يكون لتطوير الحي الشامل مساوئ في الرتابة والتكرار، لكنه دون شك خير من أن يبني الحي أصحاب المساكن الفردية ليس لهم من المؤهلات العلمية ولا العملية سوى أنه يبني السكن "بناء شخصي".

إبداع في التمويل يغني عن البنوك


لا ينفك رواد الفكر الاقتصادي والمؤسسات التجارية المتميزة في البحث عن وسائل تمويل مبتكرة، أقل كلفة، وأكبر مقدراً، وأسرع تلبية لاحتياجاتها. فمن المعلوم أن المال عماد العمل التجاري، إلم يكن متوفراً بالقدر وفي الوقت اللازم فسيؤثر ذلك على المؤسسة التجارية سواءً في الحد من التوسع او حتى البقاء والاستمرار.
البقاء والتوسع دفعا العديد من المبتكرين للبحث عن وسائل تمويل سريعة سهلة وغير مكلفة بالمقارنة بقروض البنوك او أنواع التمويل الأخرى. حيث ابتدعت بعض المؤسسات التجارية الرائدة فكرة تدعوا المتسوقين فيها الى استخدام بطاقات شراء خاصة بها مسبقة الدفع  prepaid cards، تدعوا العميل الى شحنها بالنقود ثم استخدامها في التسوق من هذه المؤسسة التجارية فقط مقابل خصومات متنوعة.
قد يبدو الأمر عادياً او غير مميز، لكن اذا عرفنا ماذا تكسب هذه المؤسسات من وراء هذه العملية فقد يكون رأينا مغايراً تماماً.
الفكرة كما اجملتها بالأعلى أفصلها هنا قليلاً. أصل الفكرة أن تقوم المؤسسة بفتح حساب بنكي خاص بالبطاقة ثم تربطه بقاعدة بيانات لديها و بعدد غير محدد من بطاقاتها الخاصة التي تحصي نقاطاً او ارقاماً مالية تسجل باسم العميل تمكنه من الشراء بقيمتها من هذه المؤسسة التجارية "حصراً" وفي أي وقت.
فائدة المؤسسة في عدة أمور، أولاً الحصول مقدماً على مبلغ مالي في صورة قرض غير مسترد. ثانياً القرض يكون بدون فوائد مباشرة. ثالثاً هذا القرض يأتي هو للمؤسسة بشروطها هي وليس بشروط المقرض. رابعاً قرض غير محدود القدر لكن بحسب نشاط المؤسسة وإقبال الناس عليها. هذا بالنسبة لمسألة تمويل المؤسسة.
الأمر يتعدى التمويل الى المبيعات، حيث تضمن المؤسسة حصة معينة من السوق كمبيعات، كما تضمن عدد معروفاً من المستهلكين. مما يساعدها على بناء خطتها المستقبلية في المبيعات والتسويق، كما تعطي المؤسسة قوة في تأمين المنتجات لدى الموردين إذا اظهرت حجم استهلاك جيد وحجم طلب متوقع كبير.
هذه بعض الفوائد التي تحصل عليها المؤسسة التجارية باختصار شديد وقد يخفى علي كثير منها. كما أن المستهلك سيحصل على بعض الميزات التي تقدمها له المؤسسة التجارية مثل هدايا ومشتريات مجانية ونقاط مكتسبة، وغيرها من وسائل جذب المستهلكين لإستخدام هذه البطاقات.
نظراً للنجاح الكبير الذي تحققه مثل هذه البطاقات أصبح الاقبال عليها محموماً من قبل كبرى المؤسسات التجارية التي تتعامل مباشرة مع الجمهور وفي تجارة التجزئة. من تلك المؤسسات ستاربوكس، امزون، أي بي، وغيرها الكثير على مستوى العالم.

هذه البطاقات مسبقة الدفع، ليست خالية المخاطر او الأضرار، فلها جوانب سلبية خاصة على المستهلك، لأنها غالباً بشروط المصدر "أي المؤسسة التجارية". لذا فاعتماد مثل هذه الطرق والتوسع فيها يحتاج الى تنظيمات وقوانين تضبط التعامل بها وتحفظ الحقوق.